مواطن من الدرجة الثانية .. الكرد الفيلية يبحثون عن الانصاف بعد اربعة عقود على الأبادة
رغم مرور أكثر من أربعين عاماً على ما تعرّض له “الأكراد الفيليون” في العراق من جرائم وصفها البرلمان العراقي بالإبادة الجماعية، إلا أن ممثليهم يشكون من عدم إنصافهم أو استعادة حقوقهم وممتلكاتهم وضياع مطالبهم جراء الصراعات السياسية.
إلى جانب ذلك، استمرار عدم حصول بعضهم على الجنسية، بعد أن تم سحبها منهم من قبل نظام البعث السابق، بقرار هو الأغرب يعرف بالقرار 666 في العام 1980.
هذا القرار أسقط الجنسية عن نصف مليون كردي فيلي وقتل وسجن الكثير منهم، إلى جانب رمي مئات الآلاف منهم على الحدود الإيرانية وطردهم من العراق.
من هم الفيلية ولماذا يعامل أفرادها كمواطنين من الدرجة الثانية؟ وماذا تقول التشريعات العراقية بحقهم؟
اربعة عقود من الوجع .. مواطن درجة ثانية
أربعة عقود مرت لم تمحي من مخيلة محمود صالح مهدي لحظات سجنه وتهجير جميع افراد عائلته من العراق لكونهم من الكرد الفيلية .. حرم محمود من جنسيته وعائلته وحتى اليوم يجد نفسه وحيدا ومواطنا من الدرجة الثانية دون انصاف رغم تغيير النظام والوعود العديدة التي سمعها بعد 2003 ، يروي محمد عن معاناته في بداية الثمانينات حينها كان يعمل كضابط عسكري في الطبابة العسكرية لم تشفع له هذه الوظيفة في معاقبته وأهله اعتقالهم ثم رميهم على الحدود باعتبار أن اصل الكرد الفيلية إيراني ، جراء ما حصل توفت زوجته و عاش لاجئا في ايران ثم عاد بعد الفين وثلاثة لكنه حتى اليوم لم يحصل على الجنسية شاكيا من معاملته كمواطن من الدرجة الثانية كما يشعر عند مراجعته لاي دائرة ، يشتكي متذمرا ” انا عراقي أبا عن جد جدي مهدي ولد في العراق 1875 ورغم كل التغيير وكل ما تعرضنا له من تهجير وقتل وتنكيل وحرمان ، حتى اليوم يراني الكثير باني إيراني ، نحن ضائعون بين هويتنا العرقية والطائفية دون ان يقدم لنا أي من الطرفين ما نستحق من تعويض وحقوق ”
انشودة للكرد الفيلية حول معاناتهم
يروي محمد عن معاناته في بداية الثمانينات، حينها كان يعمل كضابط عسكري في الطبابة العسكرية، ولم تشفع له هذه الوظيفة في معاقبته واعتقال أهله ورميهم على الحدود، باعتبار أن أصل الكرد الفيلية إيراني.
ولاحقاً توفت زوجته جراء ما حصل، وعاش لاجئاً في إيران، ثم عاد بعد 2003، ولكنه حتى اليوم لم يحصل على الجنسية، شاكياً من معاملته كمواطن من الدرجة الثانية عند مراجعته لأي دائرة.
تأريخ النكبة والحقوق المنتظرة
“أنا عراقي أباً عن جد. جدي مهدي ولد في العراق 1875 ورغم كل التغيير وكل ما تعرضنا له من تهجير وقتل وتنكيل وحرمان، حتى اليوم يراني الكثير بأني إيراني. نحن ضائعون بين هويتنا العرقية والطائفية دون أن يقدم لنا أي من الطرفين ما نستحق من تعويض وحقوق” يقول محمد بحسرة.
وفقاً لناشطين من الفيليين، فقد بدأت الإبادة الجماعية للكرد الفيليين في العراق على عدة مراحل، من النظام الملكي إلى نظام البعث، أشدها ما حصل عام 1980، عند إصدار مرسوم حزب البعث رقم 666، وبموجبه طُرد الفيليون من منازلهم وحرموا من جميع ممتلكاتهم، وصودرت عقاراتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة.
قرار مجلس الثورة المنحل بأسقاط الجنسية عن الفيلية
بحسب إحصاءات لناشطين، فُقد أكثر من 22 ألف شاب من الفيليين في الثمانينيات ودُفن 5000 تاجر فيلي وهم أحياء، إلى جانب ترحيل أكثر من 500 ألف فيلي من العراق إلى إيران، حيث مات كثير منهم في المنفى.
محكمة الجنايات العليا العراقية أصدرت حكمها في العام 2010 بشأن جرائم التهجير والتغيّيب ومصادرة حقوق الكرد الفيليين، وصنفتها ضمن جرائم الإبادة الجماعية.
وبعد ثلاثة وأربعين سنة على تلك النكبة، يقول الكثير من الفيلية إنهم لم يستردوا حقوقهم، كما إنهم لم ينصفوا.
الناشط الحقوقي الفيلي سعيد ياسين، يشكو بدوره من أن النظام الديمقراطي بعد التغيّير لم يكن شافياً لجراحهم الكبيرة، مبيناً أن الكثير من الأملاك والأراضي والمصانع لازالت مصادرة. “لم يتم انصافنا بشكل يتناسب مع حجم ما تعرضنا له من جرائم بعضها قائمة للآن”.
وأضاف “هناك أكثر من 22 ألف شاب تمّ تذويبهم بالتيزاب (ماء النار) ولليوم لازلنا نطالب بالحقوق”.
من جانبه، قال النائب الفيلي السابق آزاد حمه شفي إن “أكثر من نصف مليون كردي فيلي تم إسقاط الجنسية عنهم من قبل النظام السابق”.
وأوضح أن “مصادرة الأملاك والأراضي والعقارات والأموال المنقولة وغير المنقولة تمت لأكثر من ألف عائلة كردية فيلية، بينما لازالت آلية استرجاع الأملاك تفتقر إلى التطبيق”.
وقال إن “الإجراءات الحكومية متعبة جداً، وبالتالي يتعرض الكردي الفيلي العائد إلى الوطن لمشاكل اجتماعية، خصوصاً وأن الذين استولوا على بيوتهم وأملاكهم يرفضون الخروج منها”.
ولفت النائب إلى أن “أغلب الكرد الفيليين لم يعودوا وأخذوا تعويضات تعتبر خسارة كبيرة لهم، ويبلغ عدد العائدين منهم 10% فقط ممن تم ترحيلهم وتسفيرهم إلى خارج العراق”.
مطالب نيابية وقانونية
يطالب ممثلون عن الفيلية بإجراء تعديلات تشريعية لإيقاف معاناتهم جراء الإجراءات الروتينية المعقدة التي تعرقل استرداد حقوقهم وإنصاف بعضهم حتى اليوم، إلى جانب المطالبة بتمثيل سياسي منصف ضمن كوتا الأقليات، بعد أن ضاعت حقوقهم السياسية بين تمثيلهم سياسياً ضمن خلفياتهم العرقية الكردية والمذهبية الشيعية.
فؤاد علي أكبر، مستشار مجلس النواب العراقي لشؤون الكرد الفيلية، يرى وجود تقصير من الدوائر الحكومية، أو خلل تشريعي يستدعي معالجات جدّية وواقعية من الجهات التنفيذية والتشريعية، لغرض تعديل القوانين السابقة أو استحداث قوانين جديدة تنهي المعاناة.
أما أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، يقول إنه كان عضواً في لجنة عليا لدراسة أوضاع الفيليين في رئاسة الوزراء، التي “طالبت (اللجنة) مراراً أن يتم وضع ما بين 3 إلى 5 مقاعد ضمن الكوتا الخاصة بالأقليات في البرلمان للكرد الفيلية”.
“كما طالبت اللجنة اعتبار العراق دائرة واحدة للأصوات المرشحة لاختيار أولئك المرشحين، من أجل عدم ضياع تمثيلهم في الانتماء لقوائم أخرى. لكن لم يتم تطبيق هذا الأمر، واليوم نطالب بتحقيق هذا الأمر للانتهاء من مشكلتنا الممتدة لعقود من التهميش والقتل والتهجير”، وفق عصام الفيلي.
الأعتراف بالأبادة الجماعية
مجلس النواب العراقي، كان قد صوت في العام 2010 على اعتبار ما تعرض له الكرد الفيلية في بداية الثمانينات، بالإبادة الجماعية.
فيما تقول وزارة الهجرة العراقية، إن هناك نحو 100 ألف كردي فيلي فقط استعادوا جنسيتهم بعد 2003، بينما يقول أغلبهم إن تقاطع خلفياتهم الدينية والعرقية كانت سبباً في صراعات سياسية حرمتهم الإنصاف.
الكرد الفيليون هم مسلمون شيعة، ويتحدثون بلهجة كردية تختلف عن مثيلاتها في كردستان العراق، ويسكنون في شرقي العراق، وتحديداً في أقضية بمحافظتي ديالى وواسط وفي العاصمة بغداد، إضافة إلى محافظتي السليمانية وحلبجة بكردستان العراق، في حين يسكن قسم آخر منهم في المناطق الغربية من إيران.