اخرها قصر عالية .. بغداد تهمل كنزها الثمين ، بيوت هدمت وكنائس تحولت لأسواق وجوامع مهملة..

فتح الجدل الواسع على مواقع السوشيال ميديا في العراق حول تحويل قصر الملكة عالية الى مطعم رغم مكانته التراثية فتح ملف التجاوزات والاهمال الواقع على المباني الأثرية والتراثية في البلد والتي يقدر عددها بالألاف.

حيث يمتلك العراق مخزونا كبيرا من المباني الأثرية والتراثية كان من الممكن يمكن أن تكون مصدرا مهما للدخل السياحي، في حال استغلالها بشكل صحيح بجانب الاستثمار في الاستقرار السياسي والأمني الذي ينشده العراقيون.

واقع هذه الصروح الأثرية مأساوي، فمئات من دور العبادة التراثية من مساجد وكنائس ومبانٍ أثرية تعرضت للإهمال، وجعلت منها فرصاً ضائعة ومباني متآكلة.

عمدت عابر ومع جدل قصر الملكة عالية الى اجراء تقرير معمق للكشف عن مواقع اثرية وتراثية اخرى في قلب بغداد تم التجاوز عليها او اهمالها عمدا دون تسليط الضوء او معرفة واقعها اليوم ، فماهي تلك المواقع و ماهي قصصها المخفية ؟

جامع “مرجان” سبع قرون من التأريخ ينتهي به الأهمال الى مكب للنفايات .

“الحاجة بـ1000” بأعلى صوته ينادي علي، خريج جامعة الإدارة والاقتصاد أمام عربة لبيع المواد المتنوعة عند بوابة “جامع مرجان” الأثري بالقرب من سوق الشورجة أكبر أسواق العراق.

يبلغ عمر الجامع قرابة سبعة قرون، ورغم الأهمية التاريخية له فإنه يعاني الإهمال والتآكل إلى حد الزوال.

يقول علي إن هذا الجامع أسير الإهمال والتجاهل منذ سنوات طويلة، حتى إنه أصبح نقطة لمكب النفايات.

ينظر علي إلى عربته الصغيرة بحسرة، ويقول إن حال الجامع لا يفرق عن حال الإنسان في هذا البلد، فالإهمال طال الاثنين “فالمسؤول لا يكترث للماضي ولا يستثمر في المستقبل، والبلدان التي تملك مثل هذا الجامع تجعله منارة للزائرين، وتستغله لاستقبال السائحين من كل بلدان العالم، وليس العكس بإهماله وإهمالنا معه”، وفق وصفه.

دار “ساسون ” اول وزير مالية عراقية تحولت الى ارض خاوية بعد الاستثمار ..

أرض خاوية محاطة بحواجز كونكريتية، وأطراف منها تحوّلت لمكب نفايات، هذا ما تبقى من “دار ساسون حسقيل”، أول وزير مالية عراقي، بعد أن تم هدمها قبل عدة سنوات وسط جنح الليل، ثم قالت بعض الجهات إن الأمطار هي سبب انهيار الدار.

تتمتع “دار ساسون” بموقع تجاري مهم مطل على نهر دجلة، وسط العاصمة العراقية بغداد، وهو ما جذب الكثير من المستثمرين للحصول عليه.

ورغم رفض القضاء لذلك، تم إعطاء الموافقة لاستثمار الدار من قبل أمانة بغداد، وهو واحد من مئات المواقع التراثية والأثرية التي تم التجاوز عليها في العاصمة من قبل القطاعين الخاص والعام.

ويبيّن مدير عام دائرة التراث العامة في وزارة الثقافة والسياحة والآثار والتراث العراقية، أياد كاظم، أن تلك التجاوزات متنوعة وتقوم بها جهات من القطاع الخاص وأخرى من القطاع العام الحكومي.

النفايات تحيط بارض دار ساسون بعد هدمه

وأكد المسؤول أن بغداد تتصدر حجم التجاوزات على البيوت الأثرية والتراثية وتصل لـ303 مبان تراثية أو أثرية طالتها يد الإهمال والتجاوز، تليها محافظة نينوى، ثم البصرة.

ونوه كاظم بأن التجاوزات في العاصمة هي الأكبر لكثرة الأماكن التراثية فيها.

وعن “دار ساسون” قال كاظم إن دائرته رفعت دعوى قضائية حول التجاوز على أرض منزل ساسون حسقيل، وشكلت لجنة مع أمانة بغداد لإيقاف التجاوزات، لكن ورغم كل تحركات الإدارة، فلم يتبق من دار “ساسون” سوى الأرض وتمت إزالة البناء بالكامل.

يقول الكثير من أبناء المنطقة والمهتمين بالتراث إن القيمة التراثية للدار زالت بزوال البناء، دون محاسبة من منح الدار كفرصة استثمارية غير آبه بقيمتها المعنوية والتاريخية.

عابر صحافة لاجل الانسان

عابر صحافة لاجل الانسان

 وثائق رسمية تثبت استثمار دار ساسون رغم رفض التراث

أجزاء من أحد أقدم الكنائس في العراق تصبح سوق تجاري

في منتصف المسافة بين “دار ساسون” و”جامع مرجان” تقع كنيسة السريان الكاثوليك وسط سوق الشورجة في بغداد، وهي إحدى أقدم الكنائس في العراق.

إلا أنه لم يتبق من هذه الكنيسة اليوم سوى باطنها، بعد أن تحوّل محيطها إلى محلات تجارية على أثر استثماره في مخالفة واضحة لقانون التراث رقم 55 لسنة 2002 الذي يمنع التجاوز على أي مبنى تراثي تجاوز عمره القرن، أو التلاعب بأي مبنى أثري أو تراثي بأي شكل على اعتباره ثروة وطنية، حتى لو تمّ شراؤه.

مصدر الصورة : وكالات محلية

لكن أمانة بغداد المسؤولة عن الشؤون البلدية للعاصمة، تطلب تعديل هذا القانون لحل أزمة التجاوزات على الدور والمواقع التراثية.

محمد الربيعي، مدير دائرة الإعلام والعلاقات في الأمانة يقول إن الأمانة ترى من الضروري اليوم أن يتم تعديل ذلك القانون أو تغييره، لأنه يمنع العمل أو إجراء التعديل بالدور التراثية التي ليست تابعة للأمانة، و لا تستطيع الأمانة إيقاف ما يحصل من تجاوزات عليها.

الربيعي أفاد بأن هناك 2400 دار تقع ضمن صلاحية الأمانة لكنها مقسمة إلى ٣ أقسام، أولها تابع لأمانة بغداد، وهو الأقل عدداً وتقوم الأمانة بصيانتها والحفاظ عليها لكن باقي الدور تابعة لجهات أخرى كالمؤسسات الحكومية كاستثمار أو مستحوذة عليه من سنوات طويلة جداً، وبعضها تابع لوزارة الثقافة نفسها، والباقي متجاوز عليها، ولا تستطيع الأمانة التعامل مع تلك التجاوزات دون تعديل القانون.

وبحسب تصريحات سابقة لمسؤولين في وزارة الثقافة والسياحة والآثار، فهناك أكثر من 3 آلاف موقع أثري أو تراثي تم التجاوز عليها بشكل كامل، أو جزئي بعد العام 2003، دون تحرك جدّي لإيقاف تلك التجاوزات وتحويل الكنز الأثري والتراثي في البلاد إلى معلم سياحي.