تحديد جنس الجنين في العراق يزدهر رغم سعره الباهظ.. هل هو هوس ذكوري أم ضرورة طبية؟

تشهد المراكز الطبية في بغداد والمحافظات العراقية اقبالاً واسعاً على إجراء عمليات تحديد نوع جنس الجنين بعد أن كانت تجرى خارج العراق. رغم ذلك تمثل هذه العمليات جدلاً حول النظرة الذكورية التي تقف خلف شيوعها.وبين رفض التدخل بتغيير الطبيعة الإنسانية وبين تقبل تطور العلم وتقنياته، تتجاذب آراء المواطنين في الشارع حول شيوع هذه العمليات.

Nurse holds newborn baby close to mother in hospital, seconds after birth.

اقبال متزايد

في السابق كان العراقيون يضطرون للسفر إلى دول الجوار من أجل إجراء عمليات اختيار جنس الجنين رغم تكاليفها الباهظة، لكنها اليوم باتت تجرى بكثرة في مراكز صحية منتشرة في أنحاء البلاد كافة، وتشهد إقبالاً غير مسبوق، حيث تمتلئ الكثير من المراكز الأهلية في العاصمة بغداد بعشرات المراجعين من مختلف المحافظات لأجراء تلك العملية.

الأسعار تتراوح ما بين 2000 إلى 5000 دولار أميركي، والنسبة الأكبر من المراجعين تأتي لضمان حصولهم على جنين ذكر، تماشياً مع النظرة المجتمعية العربية التي تميل لإنجاب الذكور.

الطبيبة إسراء النحاس، إحدى الطبيبات المتخصصات بأجراء تلك العمليات داخل أحد المراكز في العاصمة، تقول إن الاقبال على إجراء هذه العمليات، زاد بشكل لافت، لاسيما مع امتلاك الخبرة لدى الكوادر الطبية المحلية، ودخول التقنيات الحديثة، وقلة تكاليفها مقارنة بإجرائها خارج العراق.

النحاس قالت إن فوائد تلك العملية تتنوع بين الباحثين عن الحصول على طفل ذكر، كما هو حال المجتمع، وبين المحرومين من الإنجاب والذين تمثل لهم هذه العمليات فرصة مثالية.

في نفس المركز تنتظر شيماء وزوجها علي، للخضوع لفحوص قبل إجراء العملية.

تقول إنها أنجبت ابنتين واقنعها زوجها بإجراء العملية لإنجاب أخٍ لطفلتيّهما، مشيرة إلى أن تلك العملية توفر الراحة للكثير من المتزوجين في تكوين عائلة متنوعة، وهي لا تخفي أن الكثير من النساء العراقيات خسرن أزواجهن لإنجابهن الإناث فقط.

مجتمع ذكوري

يرجع باحثون اجتماعيون البحث الدائم عن تحديد جنس الجنين في المجتمع إلى الثقافة الذكورية السائدة، رغم إشادتهم بتطور إجراء تلك العمليات والحاجة الطبية لها لدى الكثير من الحالات التي تعاني من عدم القدرة على الإنجاب، أو تنوّع الأطفال في العائلة.

الباحثة خلود الشمري، تقول إن البحث عن إنجاب الذكور، هي ثقافة عربية وليست عراقية وحسب، وهي موجودة منذ الأزل في الفكر القبلي العربي رغم كل محاولات الدين الإسلامي لثني الناس عنها.

وتضيف أنه رغم كل فوائد العملية الطبية للمحرومين من الإنجاب، لكن الكثير من المراجعين هم ضمن ثقافة قبلية ومجتمعية سائدة تجعل من الرجل في المرتبة الأولى، والأنثى إنسان من الدرجة الثانية، موضحة أنها تأتي مكملة للذكورية السائدة في كل أركان ومفاصل البلاد.

ويكشف المركز العراقي الاقتصادي، أن العراقيين أنفقوا أكثر من 700 مليون دولار خلال السنوات الـ ٣ السابقة، على العلاج وإجراء العمليات المختلفة في الهند وحدها، فيما كشفت تقارير صحية سابقة، أن العراقيين ينفقون ستة ملايين دولار شهرياً للعلاج من أمراض مختلفة، بينها عمليات إختيار جنس الجنين، خارج العراق.