العراق يعتقل مؤيدين لأحداث الساحل السوري وسط تصاعد التوترات والإدانات الدولية لمايحصل هناك

اعتقلت قوات الأمن العراقية عددًا من السوريين داخل البلاد، إلى جانب مدونين عراقيين، بسبب منشورات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت تأييدًا للأحداث الأمنية الجارية في الساحل السوري، وفقًا لمصادر أمنية.
وأفادت المصادر بأن الاعتقالات تمت يومي الجمعة والسبت في بغداد ومحافظات أخرى، حيث اعتقل جهاز الأمن الوطني ما لا يقل عن خمسة سوريين وعدد من العراقيين بسبب مواقفهم أو نشرهم صورًا مؤيدة للعمليات التي تنفذها الإدارة السورية الحالية في الساحل. وأضافت المصادر أن بعض المعتقلين أحيلوا إلى القضاء بتهمة دعم الإرهاب.
ورغم عدم صدور تعليق رسمي من السلطات العراقية حول الاعتقالات، نقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس خلية الإعلام الأمني، اللواء سعد معن، تأكيده أن الجهات الأمنية عازمة على ملاحقة “كل من يحاول العبث بالأمن القومي العراقي عبر مواقع التواصل الاجتماعي”. كما ذكرت وكالة “شفق نيوز” أن أحد المعتقلين السوريين تم احتجازه في مركز شرطة “أم الكبر والغزلان” ببغداد ليلة أمس، بسبب “نشاطه على مواقع التواصل”.
في سياق متصل، أعربت وزارة الخارجية العراقية، السبت، عن قلقها إزاء التطورات الأمنية المتسارعة في سوريا، محذرة من تداعياتها الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة. وشددت الوزارة في بيان لها على ضرورة حماية المدنيين وتجنيبهم ويلات النزاع، داعية جميع الأطراف إلى ضبط النفس واللجوء إلى الحلول السلمية والحوار بدلاً من التصعيد العسكري. كما أكدت رفضها التام لاستهداف المدنيين الأبرياء، محذرة من أن استمرار العنف سيؤدي إلى تفاقم الأزمة وتعميق حالة عدم الاستقرار.
ردود فعل دولية

على الصعيد الدولي، وصفت ألمانيا، الأحد، التقارير التي تتحدث عن مقتل أكثر من ألف شخص في الساحل السوري بأنها “صادمة”، مشيرة إلى أن هذه الاشتباكات تعد الأعنف في سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد. وأكدت وزارة الخارجية الألمانية أن الحكومة الانتقالية السورية تتحمل مسؤولية منع وقوع المزيد من الهجمات، وضرورة التحقيق في الحوادث ومحاسبة المسؤولين عنها، داعية جميع الأطراف إلى إنهاء العنف.
من جانبها، طالبت فرنسا بضرورة التعامل بحزم مع الانتهاكات التي استهدفت مدنيين وسجناء على خلفية طائفية، داعية السلطات السورية الانتقالية إلى إجراء تحقيقات مستقلة للكشف عن ملابسات الجرائم وإدانة مرتكبيها. كما وصف وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، التقارير التي تتحدث عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين في الساحل السوري بأنها “مروعة”، وحث السلطات في دمشق على حماية جميع السوريين من العنف، مشددًا على أهمية وضع مسار واضح لتحقيق العدالة الانتقالية.
وفي موقف مماثل، دعت الولايات المتحدة السلطات السورية إلى محاسبة “الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين” الذين نفذوا عمليات قتل في سوريا، مؤكدة دعمها للأقليات الدينية والعرقية في البلاد. وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إن بلاده تندد بجرائم القتل التي ارتكبتها جماعات متشددة في غرب سوريا خلال الأيام القليلة الماضية.
من جهته، حث مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، القيادة السورية المؤقتة على التدخل لمنع عمليات القتل الجماعي المبلغ عنها في المناطق الساحلية، مؤكدًا ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين وضمان المحاسبة.
تواصل الاشتباكات في الساحل السوري

في غضون ذلك، تستمر الاشتباكات العنيفة في مناطق عدة بالساحل السوري منذ يومين. وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الأحد (التاسع من مارس/آذار 2025)، بأن مواجهات عنيفة تدور في محيط قرية “تعنيتا” بريف طرطوس، حيث فرّ إليها عناصر من النظام السابق ومجموعات مسلحة تدعمهم.
كما أكد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، أن قتل المدنيين في سوريا “يجب أن يتوقف فورًا”، داعيًا إلى تحقيقات شفافة ونزيهة في جميع الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وشهدت محافظتا طرطوس واللاذقية معارك عنيفة منذ الخميس الماضي بعد هجوم شنّته مجموعات مسلحة قيل إنها مرتبطة بالنظام السابق، والتي أعلنت في بيان لها أنها تسعى إلى “تحرير” سوريا من القيادة الحالية. وأسفرت المواجهات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع مصورة تُظهر مشاهد مروعة لجثث مدنيين تمت تصفيتهم بطرق بشعة. ووجهت أصابع الاتهام إلى جماعات مسلحة مرتبطة بـ”هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقًا)، التي يقودها الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع. في المقابل، اتهم أنصار الحكومة الحالية فلول النظام السابق بالوقوف وراء هذه العمليات بهدف تأجيج الطائفية. فيما أقرّ مسؤولون في الحكومة الانتقالية بحدوث تجاوزات أثناء الاشتباكات، متعهدين بمحاسبة المتورطين.