منشور ساخر يكلّفه حريته… نائبة تتسبب بسجن ناشط 4 أشهر بسبب عبارة “عليها السلام”

في حادثة تُجسد صراعًا متصاعدًا بين حرية التعبير والسلطة السياسية، أصدر القضاء العراقي حكمًا بالسجن لمدة أربعة أشهر على الناشط محمد عاشور، بسبب منشور ساخر على “فيسبوك” وصف فيه نائبة في البرلمان العراقي بـ”عليها السلام”!
المنشور، الذي لا يتجاوز بضعة كلمات، لم يمر مرور الكرام على النائبة سهيلة الساعدي، التي رأت فيه إساءة تستحق الرد القضائي، فبعد أن حكمت المحكمة في بادئ الأمر بتغريم عاشور مبلغ 500 ألف دينار، عادت النائبة وقدّمت طلب تمييز أفضى إلى تشديد العقوبة بالسجن.

لكن القصة لا تقف عند حدود عقوبة قضائية… إنها جرس إنذار لما هو أوسع وأخطر وفق ناشطين : حرية التعبير تحت المقصلة.
“عليها السلام”… تعليق أم تهديد سياسي؟
في حديث خاص لمنصة “عابر”, علّق علي المدني، عضو هيئة تحالف الدفاع عن حرية التعبير، قائلاً:
“الحكم على شاب بالسجن بسبب تعليق ساخر يعكس واقعًا مقلقًا يُظهر كيف يمكن للنفوذ السياسي أن يُستخدم كسلاح ضد حرية التعبير.”

ويضيف المدني أن عبارة “عليها السلام” ليست أكثر من تعبير رمزي قد يُفهم على وجه السخرية، ولا تحتوي على أي إساءة صريحة.
لكن في قاعات المحاكم العراقية، الرمزية قد تتحول بسهولة إلى تهمة… تهمة تستحق الحبس
الدستور في مواجهة القانون… ايهما ينتصر
في مشهد يزداد فيه التناقض بين النصوص الدستورية والملاحقة السياسية ، ترى جهات حقوقية أن ما جرى في قضية عاشور هو دليل على هشاشة الحريات في العراق.
وتقول قانونية فضّلت عدم الكشف عن اسمها خوفًا من العقوبات:
“مجرد امتناعي عن التصريح العلني بسبب تعهد حكومي تم توقيعي عليه في وظيفتي لأزامي بعدم التصريح هو بحد ذاته انتهاك لحرية التعبير.”
وتتابع:
“رغم أن المادة 38 من الدستور العراقي تضمن حرية التعبير بكل الوسائل، إلا أن الواقع القضائي يُظهر استخدامًا انتقائيًا ومسيئًا لبعض القوانين لتكميم الأفواه، بدلًا من صون الحقوق.”
سلاح القوانين في معركة ضد الكلمات
القضية لا تتعلق فقط بمحمد عاشور، بل تمثل نموذجًا مقلقًا يُظهر كيف يمكن تحويل تعليق بسيط على مواقع التواصل إلى “قضية جنائية”، وكيف يتحول القانون من درع يحمي المواطن إلى سوطٍ يُلوّح به في وجه كل من يتجرأ على النقد أو السخرية.
ويحذّر المدني من استمرار هذه الممارسات قائلاً:
“هي لا تُهدد الأفراد فحسب، بل تُقوض الديمقراطية من جذورها، وتحول القضاء من مؤسسة عدالة إلى أداة تصفية حسابات.”
المنشورات تحت المجهر: حملة ملاحقة لا تهدأ
قضية الناشط محمد عاشور ليست حدثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الملاحقات التي تطال أصواتًا ناقدة في العراق، لمجرد تعبيرها عن الرأي على منصات التواصل. من ناشطين في الحراك الشعبي إلى صحفيين وموظفين حكوميين، شهد العراق خلال السنوات الأخيرة عدة حوادث طرد، توقيف، سجن أو مضايقة، بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تلك التي تنتقد مسؤولين، مؤسسات، أو سياسات عامة