قتلت أم انتحرت؟ وفاة الطبيبة بان زياد طارق تثير الرأي العام .. تعذيب وأدلة تنفي الانتحار.
في تطور جديد مثير في قضية وفاة الطبيبة بان زياد طارق، كشفت مصادر أمنية أن التحقيقات أظهرت وجود أدلة تشير إلى تورط أحد أفراد عائلة الدكتورة في ارتكاب جريمة قتلها. تم استدعاء عدة أشخاص من عائلتها للاستجواب والاحتجاز المؤقت تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وشهدت مدينة البصرة، في الخامس من أغسطس 2025، حادثة مأساوية هزّت الرأي العام العراقي، بعد وفاة الطبيبة الشابة بان زياد طارق، المتخصصة في الأمراض النفسية والعقلية، في ظروف غامضة أثارت العديد من علامات الاستفهام والتساؤلات حول حقيقة ما جرى، خاصة بعد ادعاء ذويها بأنها أقدمت على الانتحار.
الرواية الاولى “انتحار”
كانت السلطات المحلية في البصرة قد اعلنت وفاة الدكتورة بان بانتحارها داخل منزلها في الخامس من أغسطس 2025، وفقًا لما صرّح به أهلها وأُبلغ به في التقارير الأولية. لكن مع تصاعد حالة الغموض وانتشار شكوك واسعة، شرعت الجهات الأمنية في إجراء تحقيق معمق في الحادثة.
بعد فترة وجيزة، خرجت والدة الضحية في لقاء متلفز، وأكدت أن ابنتها كانت تعاني من ضغوط نفسية كبيرة انتهت بها إلى الانتحار. إلا أن الرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي رفضت رواية الأم، مشيرين إلى أن والدتها لم تبدُ متأثرة بوفاة ابنتها، ولم تظهر عليها ملامح الحزن أو الألم.
نعي رسمي وتأكيدات أمنية
و نعت وزارة الصحة العراقية وفاة الدكتورة بان زياد طارق في بيان رسمي جاء فيه:
“تنعى وزارة الصحة إحدى ملاكاتها في دائرة صحة البصرة، الدكتورة بان زياد طارق، اختصاص الأمراض النفسية والعقلية، سائلين المولى عز وجل أن يتغمدها بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته، ويلهم أهلها وذويها الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون”.
وفي ذات الوقت، باشرت قيادة شرطة محافظة البصرة، بالتنسيق مع الجهات التحقيقية المختصة، إجراءات التحقيق في الحادثة. وجاء في بيان إعلام شرطة البصرة (5 أغسطس 2025):
“إفادة ذوي المتوفاة أشارت إلى أن الحادث انتحار ناتج عن معاناتها من اضطرابات نفسية، مع تأكيدهم على عدم تقديم شكوى رسمية. تم تنفيذ كشف فني دقيق على مسرح الحادث من قبل مفارز الأدلة الجنائية، شمل جمع الأدلة المادية وتحريز الأداة المستخدمة لمعرفة الأسباب الحقيقية للوفاة، ونُقلت الجثة إلى دائرة الطبابة العدلية لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة.”وأكد البيان أنه سيتم إعلان نتائج التحقيقات للرأي العام فور اكتمالها”.
وثائق تنفي الانتحار وتكشف عن تعذيب
تداول زملاء الدكتورة وثائق وصورًا مسربة لتقرير “المشاهدة الأولية للجثة”، والتي فجّرت القضية وأثارت شكوكًا كبيرة حول الرواية الرسمية.
كشفت الوثيقة الطبية أن:
- المتوفاة وصلت إلى المستشفى “بدون نبض أو تنفس”.
- توجد “جروح قطعية في كلا الذراعين مع بروز العضلات والعظام”.
- وجود “كدمات في الوجه وحول الرقبة”.
- وجود “دماء على الملابس”.

هذه التفاصيل تتناقض بشكل واضح مع فرضية الانتحار، وتدعم شبهة القتل، حيث أكد أحد الأطباء المقربين من الراحلة:
“هذه الجروح والكدمات دليل قاطع على القتل، وليس الانتحار. تعبنا من تكميم السالفة دون محاسبة الفاعل.”
كما نشر زملاؤها صورة من “ستوري” على حسابها قبل ساعات من الوفاة، تُظهر حالتها النفسية المستقرة، نافياً فرضية الاضطرابات النفسية الشديدة.
شهادات من الأصدقاء والأطباء
ووفق وسائل إعلام محلية فقد كشفت الدكتورة رسل هاشم، صديقة الراحلة، عبر منشور على حسابها الشخصي، عن وجود آثار تعذيب على جسد بان، مؤكدة أن الأخيرة وصلت إلى مستشفى الجمهوري مقتولة. وأصدرت مجموعة من الأطباء بيانًا أعربوا فيه عن قلقهم العميق إزاء ملابسات الوفاة، وطالبوا بتحقيق نزيه وشفاف.

قال الأطباء في بيانهم:
“لا يمكن لأي شخص أن يقطع يديه بنفسه. هذه جريمة واضحة ويجب ألا تُحمّل الضحية جريمة قتلها.”
وطالبوا الجهات المختصة بـ”فتح تحقيق شفاف يحفظ كرامة الضحية ويطمئن المجتمع الطبي، ويضع حدًا لمحاولات التضليل”.
موقف المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة
أعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في محافظة البصرة متابعتها لحادثتي وفاة منفصلتين في المحافظة، إحداهما وفاة المتهم في قضية مخدرات، والأخرى وفاة الطبيبة بان زياد طارق.
وقال مدير مكتب المفوضية مهدي التميمي:
“نتابع بقلق بالغ الحادثتين لما فيهما من مؤشرات تمس مبادئ حقوق الإنسان. نطالب الجهات الأمنية بإنجاز التحقيقات بسرعة وإعلان نتائجها بشفافية حفاظًا على ثقة المواطنين.”
نعي نقابي ودعم رسمي
نعت نقابة الأطباء في البصرة الطبيبة الراحلة في بيان رسمي، حيث وصفها رئيس فرع النقابة الدكتور وسام الرديني بأنها “خسارة مؤلمة للوسط الطبي، وكانت من الكفاءات المشهود لها إنسانيًا ومهنيًا.”
والدكتورة بان زياد طارق هي طبيبة عراقية متخصصة في الأمراض النفسية والعقلية، تخرجت من كلية الطب بجامعة البصرة، وعملت في دائرة صحة المحافظة. كانت تُعرف بالتزامها المهني العالي، واهتمامها الكبير بقضايا المرضى النفسية.
إحصائيات مقلقة
تشير تقارير حقوقية إلى أن عددًا كبيرًا من حالات قتل النساء في العراق تُعلن على أنها انتحار، في حين أن التحقيقات تظهر لاحقًا أدلة على ارتكاب جريمة قتل. وفقًا لتقرير صادر عن منظمة حقوق المرأة العراقية وثّق أكثر من 70 حالة وفاة نسائية مريبة خلال 2024، مصنفة رسميًا على أنها انتحار، فيما تظهر الأدلة تورط جهات داخلية أو خارجية في هذه الجرائم.
على المستوى الدولي، تشير بيانات الأمم المتحدة للمرأة إلى أن أكثر من 51 ألف امرأة وقعت ضحية للقتل على يد شركاء أو أفراد من العائلة عام 2023، بمعدل 140 حالة يوميًا. وتُشير إحصائيات أخرى إلى تضاعف نسب قتل النساء في مناطق النزاع، مع زيادة ملحوظة في العنف الجنسي المرتبط بالحروب