سقوط مجسر العطيشي في كربلاء… حادث إنشائي أم أزمة سياسية مفتوحة؟

لم يعد انهيار جزء من مجسر العطيشي في كربلاء مجرد خطأ إنشائي عابر، بل تحوّل سريعاً إلى قضية رأي عام أثارت غضب الشارع العراقي، ووضعت الحكومة والمسؤولين التنفيذيين ي مواجهة اتهامات مباشرة بالتفريط بأرواح الناس مقابل مكاسب انتخابية مبكرة.

الحادثة وقعت على الطريق الرابط بين كربلاء وبغداد عبر ناحية الحسينية، حينما انهار جزء من المجسر قيد الإنشاء أثناء عملية الصب. الدفاع المدني أعلن إنقاذ عدد من المصابين وانتشال عجلة من تحت الأنقاض، فيما تستمر الجهود للبحث عن عالقين.

اتهامات بالضغط السياسي على حساب الجودة

النائب عن كربلاء محمد جاسم الخفاجي حمّل الحكومة المسؤولية المباشرة، مشيراً إلى أن “ضعف التصميم وسوء اختيار الشركات المنفذة وقلة خبرة دوائر الإشراف” كانت وراء الحادث، مؤكداً أن هناك ضغوطاً لإكمال المشاريع بسرعة من أجل قصّ الشريط قبل الانتخابات.

الموقف نفسه عززه نائب رئيس مجلس محافظة كربلاء محفوظ التميمي، معلناً صدور أوامر قبض بحق مهندسين حكوميين ومدير المشروع ومهندس الشركة المنفذة وضابط مرور الموقع، وفق المادة 340 من قانون العقوبات، على ذمة التحقيق.

السوداني يوجّه بلجنة تحقيق… والشارع متشكك

مكتب رئيس الوزراء أعلن تشكيل لجنة تحقيقية عليا لمتابعة ملابسات الحادث وتحديد المقصرين. غير أن هذه الخطوة لم تبدد شكوك العراقيين الذين اعتادوا على “سلسلة لجان تحقيق” غالباً ما تنتهي بلا نتائج ملموسة، ما يجعلها – بنظرهم – مجرد وسيلة لامتصاص الغضب الشعبي.

حوادث متكررة… وفساد بلا محاسبة

حادثة العطيشي لم تكن الأولى. العام الماضي انهار جزء من جسر الطوبجي في بغداد، فيما تحوّل مجسر الزعفرانية منتصف هذا العام إلى مادة للسخرية بعدما تسربت منه المياه بشكل فضائحي.

ويستعيد الناشطون أيضاً حادثة انهيار قطارة الإمام علي (ع) في النجف، التي رافقها ضجيج سياسي واسع ووعود بتحقيقات عاجلة، لكنها سرعان ما طويت من دون إعلان نتائج أو محاسبة واضحة، لتبقى مثالاً على غياب الشفافية في إدارة ملفات السلامة العامة.

انتخابات على وقع الأزمات

الحادثة تأتي قبل شهرين من الانتخابات النيابية المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، والتي توصف بأنها الأكثر تنافسية منذ سنوات وسط انقسامات عميقة داخل القوى الشيعية والسنية والكردية. ويرى مراقبون أن الاستعجال في إنجاز مشاريع غير مكتملة قد يكون جزءاً من معركة دعائية تهدف إلى تحسين صورة بعض الأطراف أمام الناخبين.

لجان مكررة ونتائج محيرة

في خضم ذلك، يتساءل مراقبون : ما قيمة لجان التحقيق إذا كان الفساد مستمراً في التهام الأموال العامة وتعريض حياة المواطنين للخطر؟ وهل ستختلف نتائج تحقيق العطيشي عن غيره من الحوادث التي انتهت بلا حساب؟

أسئلة تتكرر مع كل انهيار جديد، فيما يظل العراقيون يراقبون مشاهد الخرسانة المتساقطة على طرقهم، وهم يدركون أن أرواحهم غالباً ما تكون الثمن