العباءة الزينبية تشعل جدلًا في بغداد.. هل فُرضت كزي رسمي وحيد أم فُهم القرار خطأ؟
شغل القرار الصادر عن مجلس محافظة بغداد، أمس الثلاثاء 3 حزيران 2025، الرأي العام ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد موافقة المجلس على اعتماد “العباءة الزينبية” زيًا رسميًا للنساء في العاصمة، بناءً على مقترح قدّمته عضوة المجلس ورئيسة لجنة البيئة، هدى جليل العبودة، والقيادية في تيار الحكمة.
“فهم خاطئ ” أم “محاولة فرض غير مباشرة” ؟
القرار، الذي وصفته العبودة بأنه “خطوة لتعزيز الاحترام والوقار والحشمة، خاصة داخل القاعات الامتحانية”، أثار تأويلات متضاربة على المنصات الرقمية. البعض رآه محاولة لفرض الزي الديني على جميع النساء في بغداد، على غرار ما يحدث في بعض المناطق الدينية أو المحافظة، ما أثار مخاوف بشأن الحريات الشخصية والتمييز الديني.
لكن العبودة سارعت لتوضيح موقفها في بيان رسمي، قالت فيه :
“قرار اعتماد العباءة الزينبية كزي رسمي لا يمس حرية غير المحجبات في العاصمة، ولا يتضمن أي صيغة تُلزم جميع النساء بارتدائها.”
وأضافت:
“هو فقط اعتراف بهذا الزي كمظهر من مظاهر الهوية الثقافية الإسلامية البغدادية، وتقدير له ضمن السياق الرمزي، وليس فرضًا على الجميع.”
ما علاقة لجنة البيئة بالزي الرسمي؟
رغم التوضيحات، لم تسلم المبادرة من موجة انتقادات حقوقية وشعبية، واعتبرتها ناشطات محاولة لتسييس الدين واستخدامه كأداة في الدعاية الانتخابية المبكرة، خصوصًا في أوساط القواعد المحافظة.
الناشطة هناء إدوارد عبّرت عن استغرابها من صلة لجنة البيئة بالقرار، وتسائلت في حديث لمنصة “عابر”:
“ما علاقة العباءة بلجنة البيئة؟ يبدو أنها محاولة لصرف الأنظار عن المهام الأساسية التي لم تُنجز.”
ووصفت الخطوة بأنها “تغليف لفشل الأداء السياسي بقناع من الفضيلة”، معتبرة أن تركيز السلطات المحلية على ملابس الطالبات في وقت تعاني فيه المؤسسات التعليمية من الإهمال، يمثل انحرافًا واضحًا عن الأولويات الحقيقية.
من جانبها، قالت المحامية المختصة في قضايا الحريات رنا الجنابي إن القرار “يفتقر إلى أي سند قانوني”، وأضافت:
“حتى التلميح إلى تفضيل زي ديني رسميًا دون نص قانوني صريح يُعدّ انتهاكًا للحرية الفردية، ويمثل تمييزًا على أساس العقيدة والنوع الاجتماعي، وهو ما يُخالف مبادئ الدستور العراقي.”
زي رسمي أم أداة انتخابية؟
القرار لم يمر دون تشكيك في توقيته، حيث رأت العديد من المدافعات عن حقوق المرأة أنه يأتي في سياق تحشيد انتخابي مبكر، باستخدام رموز دينية مألوفة لكسب تعاطف شريحة معينة من الناخبين. وأكدت ناشطات عبر منصاتهن أن “مثل هذه القرارات تظهر دائمًا في موسم الانتخابات، وتختفي بعده”.
فبالرغم من إصرار العبودة على أن القرار يهدف إلى “الحفاظ على الموروث الثقافي الإسلامي في بغداد”، إلا أن النقاد يرون أنه يصطدم مع واقع العاصمة المتنوّع دينيًا وثقافيًا، حيث يعيش فيها عراقيون من مختلف الطوائف والأديان والأعراق.
وقد فتح القرار الباب على نقاشات حادة حول حدود دور السلطات المحلية في التأثير على الحياة الفردية، وما إذا كان من المقبول الدعوة لزي رسمي واحد في مدينة تُعد من أكثر مدن العراق تنوعًا.