مهندس عراقي يدخل السجن سالمًا ويخرج منه ميتًا سريريًا بعد شجار مع لواء في الداخلية

وجه وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، بتشكيل لجنة تحقيقية لمعرفة ملابسات الحادث الذي وقع في قيادة الشرطة الاتحادية، والذي أثار ضجة واسعة في الأوساط الاجتماعية والحقوقية.

بدأت الواقعة بحسب اهل الضحية كمشاجرة بين المهندس بشير خالد ومدير الرواتب والأمور المالية في الشرطة الاتحادية بوزارة الداخلية العراقية ، لكنها سرعان ما تطورت إلى منعطف  خطير ، مما دفع العديد من الأطراف المعنية والحقوقية  إلى المطالبة بتحقيق شفاف ونزيه.

ووفقًا لبيان وزارة الداخلية ، شدد الوزير على ضرورة تقديم تقرير اللجنة التحقيقية في أسرع وقت ممكن، مع التأكيد على اتخاذ جميع الإجراءات القانونية المناسبة بحق المسؤولين عن الحادث. كما أكد البيان التزام الوزارة بضمان العدالة في هذا الملف الحساس، في ظل تساؤلات متزايدة حول تفاصيل الحادث ودور بعض الشخصيات النافذة في وزارة الداخلية.

نقابة المهندسين تستنكر الحادث وتحذر من تداعيات السكوت عنه

وفي المقابل ، أدانت نقابة المهندسين العراقية الحادثة بشدة، واصفةً إياها بـ”الجريمة البشعة التي لا يمكن السكوت عنها”.

وأكد بيان النقابة أن “الاعتداء على المهندس بشير خالد، والذي أدى إلى تدهور حالته الصحية نتيجة تعرضه لتعذيب وحشي، يُعدّ انتهاكًا صارخًا لكرامة الإنسان ويهدد قيم العدالة وحقوق المواطن في العراق”.

وطالبت النقابة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، ووزير الداخلية، عبد الأمير الشمري، بالتدخل الفوري لفتح تحقيق مستقل يكشف كافة تفاصيل الحادث، وتقديم الجناة إلى العدالة.

دخل مركز الشرطة سالمًا وخرج ميتًا سريريًا

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق خلال اليومين الماضيين بخبر تعرض المهندس بشير خالد لتعذيب وحشي بعد اعتقاله إثر مشاجرة مع لواء في الشرطة الاتحادية، حيث أظهرت مقاطع فيديو لحظة اعتقاله وهو في حالة طبيعية، قبل أن يتم نقله إلى المستشفى ميتًا سريريًا، وفقًا لمقاطع فيديو نشرها ذووه، مناشدين الحكومة والشخصيات السياسية والدينية للتحرك من أجل تحقيق العدالة.

وبحسب مصادر أمنية وإعلامية، فإن “خلافًا نشب بين المهندس بشير خالد وضابط في الشرطة الاتحادية بحي حطين في بغداد، تطور إلى مشاجرة، ما أدى إلى اعتقاله من قبل أفراد قوة أمنية”.

وأكدت عائلة المهندس أن “نجلهم تعرض لتعذيب وحشي بأساليب مماثلة لتلك التي تمارسها التنظيمات المتطرفة، قبل أن يتم نقله إلى مركز شرطة حطين لاستكمال التعذيب”، مشيرين إلى أنه “فقد وعيه بسبب النزيف الشديد، ليتم نقله لاحقًا إلى مستشفى اليرموك في حالة صحية حرجة، حيث يرقد حاليًا في غيبوبة شبه كاملة”.

ووجهت عائلة المهندس نداءً عاجلًا إلى رئيس الوزراء، مطالبةً “بالتدخل لإنقاذ حياته، بعد تعرضه لتعذيب وحشي على يد عناصر أمنية في بغداد”، متسائلين: “أين وزير الداخلية من ذلك، وهو الذي يصرح دائمًا بتوفير الأمن، بينما يقوم بعض عناصر وزارته بإرهاب المواطنين؟ ولماذا التزم الصمت تجاه تجاوز اللواء عباس علي التميمي، مدير رواتب الشرطة، الذي كان طرفًا في المشاجرة مع ابننا؟”.

يظل هذا الحادث محط أنظار الرأي العام، وسط مطالبات متزايدة بمحاسبة المتورطين وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تهدد ثقة المواطنين بالمؤسسات الأمنية.

المهندس الشاب بشير خالد في المستشفى بعد تعرضه للتعذيب

التعذيب إرث يؤرق العراقيين

وكانت منظمات دولية ومحلية وثقت حدوث عمليات تعذيب ووفيات جراء هذه الممارسات، فيما سجلت تحركا للحكومة العراقية في محاولة معالجة هذه التركة الثقيلة لتحسين صورتها في ملف حقوق الإنسان، إلا أن هذه الانتهاكات مازالت متواصلة حتى اليوم.

وكشف تقرير للمركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب صدر في نهاية العام 2022، وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة “عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة للحكومة”.

وأضاف التقرير أنه بين يناير وأغسطس 2022، توفي 49 معتقلاً، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، و8 في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مركز شرطة الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الجريمة في العاصمة بغداد.

كذلك بيّن تقرير للأمم المتحدة صدر في عام 2021 عن تعرّض نصف المعتقلين للتعذيب أثناء الاستجواب بهدف انتزاع الاعتراف منهم.

وغطى التقرير الفترة من 1 يوليو 2019 إلى 30 أبريل 2021، ويستند إلى مقابلات أُجريت مع 235 معتقلاً، إلى جانب موظفين في السجون وقضاة ومحامين وأهالي معتقلين.

ووفق التقرير فإن نحو نصف المعتقلين قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب أثناء الاستجواب بهدف انتزاع الاعترافات.

وأوضح التقرير أن أساليب الاعتداء تشمل “الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، والوضعيات المجهدة، والخنق”، ووردت “أنباء عن وقوع أعمال عنف جنسي”، وأشار بعض المحتجزين إلى معاملة “لا يستطيعون التحدث عنها”.