بين تركيا وإيران إقليم كردستان العراق عين على أكراد سوريا تراقب بحذر ..
يراقب إقليم كردستان العراق تطورات الأحداث الجارية في سوريا بقلق، بعد أن غابت عنه أحلام “الدولة الكردية” الممتدة من إيران إلى سوريا مرورا بالعراق وتركيا، وسط انقسام الموقف الكردي العراقي بين الرأيين.
- الرأي الأول يتمثل بالاتحاد الوطني الذي يدعم قوات سوريا الديمقراطية، “قسد”، وتربطه معها علاقات وثيقة أدت إلى علاقة متوترة مع الجارة تركيا.
والثاني، يمثله الديمقراطي الكردستاني الذي يتخذ مبدأ النأي بالنفس، وتربطه علاقات وثيقة بتركيا على إثر صراعه مع حزب العمال الكردستاني “PKK” خلال السنوات الأخيرة، ما قربه أكثر من أنقرة وجعله يسعى لعدم التدخل بالشأن الكردي الإقليمي.
اما على المستوى الرسمي، فدعا رئيس مجلس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، الجميع للاتحاد “في مواجهة المخاطر المحدقة بالإقليم”، مشدّدا على ضرورة عزل الخلافات السياسية الداخلية عن القضايا الإقليمية لتجنّب تأثيراتها على الإقليم، فيما دعت رئاسة الإقليم جميع الأطراف في سوريا إلى تبني لغة الحوار والحل السلمي بما يضمن العدالة والمساواة لجميع مكونات سوريا، بما في ذلك الشعب الكردي. فهل أصبح كردستان العراق بعد سقوط النظام السوري، أكثر قوّة أم ضعفا؟ وهل يعتمد الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي على مبدأ النأي بالنفس رغم وجود الأكراد في منتصف الازمة السورية ؟
التجربة العراقية فرصة ذهبية لأكراد سوريا..
بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد في سوريا، فإن تساؤلات عدة تبرز حول مستقبل مكونات وقوميات جار العراق الغربي، وبالتحديد المكون الكردي.
وفي ظل وجود “فرصة ذهبية” يمكن استغلالها كما حصل في العراق، بهدف تشكيل إقليم كردي بإدارة ذاتية شبه مستقلة عن دمشق، وهو ما يؤكد كُرد سوريا السعي إليه، وتطرحه قوى كردية-عراقية مقربة منه مبدينَ تفاؤلا بإتمام هذا “الحلم”، يرى عضو الاتحاد الوطني الكردستاني أحمد الهركي أن “العوامل متوفرة على الأرض، لإقامة إقليم كردي في سوريا”.
ويتابع الهركي في تصريحات صحفية أن “للكرد السوريين، أصدقاء في الإدارة الأميركية، فضلا عن أن واشنطن داعمة لقوات سوريا الديمقراطية، قسد، وهي جزء من التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، كما أن القوات الأميركية ستبقى في شرق الفرات.
ويلفت إلى أن “الفرصة حاليا تعتبر فرصة ذهبية، لإقامة إقليم كردستان سوريا، للحفاظ على الهوية القومية للكرد، مع تمثيل محترم ومشاركة في إدارة الحكم داخل العاصمة دمشق، كما حصل في العراق”، موضحا أن “هناك تغيرا في الخطاب التركي من ناحية الكرد، ومن ناحية حزب العمال، فالأتراك يبحثون عن صفقة جديدة لإنهاء هذا الخلاف الذي استمر لسنوات، ويمكن للولايات المتحدة رعاية هذا الاتفاق”.
الديمقراطي على الحياد ..
في المقابل، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحاكم في الإقليم والغريم للاتحاد الوطني، اتخذ سابقا الصفَ التركي منذ سنوات إثر صراعه الذي اندلع مع حزب العمال الكردستاني، وبعد أن وجد مساعٍ منهم لفرض تواجدهم ومنافسة سيطرته في بعض المناطق كما في إقليم سنجار، الذي يسيطر فيه العمال الكردستاني بدعم من الحشد الشعبي، لذا فهو يتخذ موقف الحياد ويترقب الأحداث اعتمادا على مصالحه الوثيقة مع تركيا.
وحول موقف الحزب من المعادلة الجديدة في سوريا، يقول عضو الحزب ريبين سلام، إنه “يقف دائما على الحياد، ولا يتدخل في شؤون الدول والمناطق الأخرى”.
ويشدد سلام، أنه “ليست بالضرورة أن تتشابه تجربة إقليم كردستان مع تجارب الكرد في سوريا أو تركيا أو إيران، ولا يمكن استنساخ تجربة الإقليم في تلك الدول”.
ويضيف أن “الحزب سيدعم معنويا أي خيار يختاره الكرد في سوريا، ولا يتدخل في شؤونهم، فلو اختاروا الإقليم أو الإدارة الذاتية فهم أعرف بشؤونهم، وبالتالي فنحن ندعم معنويا وعاطفيا أي خيار يتوجهون صوبه”.
ويتابع أنه “على كرد سوريا إذا أرادوا أن يحصلوا على إقليم في سوريا، فعليهم التصالح مع تركيا، باعتبارها دولة محورية وجارة، ودولة قوية وعضو في حلف الناتو، ولا يمكن معاداتها، ويتخلوا عن حزب العمال الكردستاني، وهم من يتفاوضون و يقررون مصيرهم، والديمقراطي سيدعم الخيارات التي يختارونها، وأمامهم فرصة ذهبية يجب استغلالها”، بحسب رأيه.
العامل الدولي وترتيب الأوراق في النهاية
من جانب آخر، ترى بعض الأطراف الكردية الأخرى أن هناك إرادات كثيرة تُفرض في المعادلة السورية، بسببها تندلع نزاعات وحروب ضد أكراد سوريا، لكن الإرادات الدولية سترتب الأوراق في نهاية المطاف.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية، عصام الفيلي، أن “هناك احتمالا قائما بأن تتجه فصائل هيئة تحرير الشام، المدعومة من تركيا، نحو قتال الأكراد في مناطق شرق سوريا، بهدف تعزيز سيطرتها على كامل الأراضي السورية”.
ويعود ذلك إلى أن أكثر ما يثير قلق أنقرة هو وجود الكيان الكردي، وتعزيز تواجده في المنطقة. ويعتقد الفيلي في أن “بعض الصدامات المسلحة قد تحدث بين الفصائل المدعومة من تركيا والأكراد، لكن في النهاية سيتم ترتيب هذه الأوراق برعاية دولية”، مشيرا إلى أن “مشاركة الكيانات الكردية في الحكومة السورية الجديدة، ستأتي وفق رغبة دولية في محاولة لخلق توازن قوى في الحكومة القادمة”، وفق الفيلي.
الصراعات انهت الحُلم الكردي
ؤكد مراقبون وخبراء تحدثوا لبلينكس أن رؤية إقليم كردستان العراق اختلفت عن السابق، إذ أنهى الصراع الداخلي والتدخلات الإقليمية على حلم الدولة الكردية العابر للحدود، مع عدم استبعادهم أن يكون الكرد ورقة في صراع إقليمي، فيشير المحلل السياسي أحمد مناجد إلى اتساع الفجوة الكردية-الكردية لا سيما وجود “اللاعب الإيراني” الذي يدعم الاتحاد الوطني، القريب من قسد، والذي قد يدفع للانتقام من تركيا التي أفقدته سوريا بدعمها لمعارضي الأسد”، وحينها قد تدعم إيران قسد عبر الاتحاد في محاولة للثأر من تركيا، وضمان بقاء جزء من خط الإمداد إذا ما بقت قسد على الحدود العراقية.
ويشرح المحلل السياسي أحمد مناجد إن “الديمقراطي” انصهر بشكل كامل مع الموقف التركي كرد فعل لتحالف العمال الكردستاني مع الحشد، والسيطرة على سنجار شمال العراق، وهو ما وجد فيه تهديدا لوجوده ليبتعد تماما عن حلم الدولة الكردية العابرة للحدود الأربعة.
ويختم مناجد كلامه بالقول إن “الموقف الكردي العراقي سيعتمد في جميع الأحوال على التريث، وانتظار مزيد من التطورات قبل التحرك نظرا لصعوبة الموقف بوجود لاعبين كثر وتوجهات مختلفة، ستجعل تحديد مستقبل الكرد غير واضح في ظل المشهد المعقّد الحالي”.