“الحديدة حامية” حل الحشد بين نفي الاطار ورسائل ترامب
يتصاعد الحديث في العراق منذ نهاية العام الماضي ، بشأن وجود ضغوطات ومطالبات دولية لحل هيئة الحشد الشعبي في العراق، بعد تطورات الأحداث الاخيرة في سوريا وما سبقها في لبنان . ورغم اصرار الحكومة العراقية على تأكيد عدم وجود أي شروط أو إملاءات خارجية حول حل الحشد ، إلا أن وسائل اعلامية اجنبية تؤكد وجود رسائل اميركية لحل الحشد ، فيما تحذر أوساط سياسية من تبعات خطيرة وفوضى أمنية قد تعصف بالعراق في حال حل الفصائل، فيما كشفت مصادر سياسية رفض المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني، أصدار فتوى لحل الحشد الشعبي بالرغم من الضغوط الغربية التي يتعرض لها العراق.
“الحديدة حامية” حل الحشد وزيارة بلينكن

مصادر سياسية في العراق كشفت ، عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية محرجة تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المنفلت وإبعاد تأثيرات دول الجوار على قرارها السيادي، مقابل استمرار الدعم للنظام السياسي القائم، فيما ربطها سياسيون بـ”مؤامرات داخلية” تستهدف إضعاف المكون “الأقوى”، وخلخلة الاستقرار الأمني في البلاد.
عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مختار الموسوي، اقر ووجود ضغوط أمريكية لحل الحشد، داعياً الحكومة إلى عدم الاستجابة لها، مهما كلفها من ثمن، لافتاً إلى أن” الحشد الشعبي يشكل صمام أمام البلاد، ومن ثم الأجهزة الأمنية والعسكرية
وقال الموسوي في تصريح صحفي تابعته عابر إن ” آلية حل الحشد الشعبي لا ترتبط بالحكومة فحسب، إنما يجب أن يكون هناك قرار من البرلمان الذي تمثل كتل الإطار التنسيقي النسبة الأكبر فيه، وهذه الكتل لن تسمح بذلك”.
في المقابل أوضحت “مصادر سياسية ” مقربة من مركز القرار ، ان” بلينكن نقل خلال زيارته الأخيرة نهاية العام الماضي رسائل “تهديد” مباشرة إلى السوداني، بشأن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق، ومستقبل تلك الفصائل وتحركاتها.
مؤكدة أن حكومة السوداني تحدث مع قوى الإطار التنسيقي ا بشكل صريح، و أبلغتهم “حرفيا” أن “الحديدة حامية”، داعية إياهم إلى “التروي والتفكير الجدي في مسألة تفادي ضربة إسرائيلية”.
يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أجرى جولة في المنطقة العربية، وقد هبط في العراق بشكل مفاجئ، في 13 كانون الأول ديسمبر من العام الماضي 2024، والتقى السوداني، وشدد خلال اللقاء، وفقا لما نقلت وكالة “رويترز”على “التزام الولايات المتحدة بالشراكة الاستراتيجية الأمريكية العراقية و بأمن العراق واستقراره وسيادته”.
السيستاني يرفض اصدار ” فتوى حل الحشد”

هذا وكشفت صحيفة الأخبار اللبنانية،في تقرير سابق لها ، عن رفض المرجع الديني الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني، اصدار فتوى لحل الحشد الشعبي بالرغم من الضغوط الغربية التي يتعرض لها العراق.
وقالت الصحيفة نقلا عن مصدر مسؤول، إن “الحكومة العراقية تلقّت، أكثر من مرة، طلبات من أطراف دولية وإقليمية لحلّ الحشد الشعبي وتسليم الفصائل المسلحة سلاحها للدولة”.
واضاف ان “الزيارة الثانية لممثل الأمم المتحدة في العراق، محمد الحسان، إلى المرجع الديني الأعلى في النجف، السيد علي السيستاني، كانت بهدف الطلب منه إصدار فتوى لتفكيك الحشد الذي تأسس بفتوى منه، أو دمجه مع الوزارات الأمنية، ليرفض الأخير استقباله” واستقبله نجله محمد رضا .
وقال مصدر آخر بحسب الصحيفة، إن “السيستاني استقبل الحسان فعلاً في زيارة أولى، جرت خلالها مناقشة الأوضاع في المنطقة ومصلحة العراق، بينما في الزيارة الثانية، التي أجريت قبل أيام وبعد نحو شهر على الأولى، لم يستقبله المرجع الأعلى بل ابنه السيد محمد رضا، وهذا ما يبيّن أنه فعلاً كان هناك طلب بخصوص حل الحشد، وعدم استقباله هو بمثابة الرفض لذلك الطلب”.
وأكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة محمد الحسان، في 12 من ديسمبر في العام الماضي ، في مؤتمر صحفي من النجف عقب لقائه نجل المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، أنه ناقش “خطوات النأي بالعراق عن أية تجاذبات سلبية لا تخدم أمنه واستقراره”، وألا يتحول البلد إلى ساحة لتصفية الحسابات، داعيا القوى السياسية العراقية لوضع مصلحة البلد في الصدارة، والتأكيد على أن “أمن العراق والعراقيين غير قابل للمساومة”.
وكان المرجع السيستاني، قد أكد في بيان صدر عن مكتبه عقب اللقاء الاول بالحسان في 4 تشرين الثاني نوفمبر من العا، على منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد.

حل الحشد والتهديد ب “المنزلقات الخطيرة”
وحول الضغوط التي يجرى الحديث عنها ،يبين القيادي في الإطار التنسيقي عصام الكريطي، ، إن” الضغوط التي تمارسها بعض العواصم الغربية ومنها الامريكية لحل الحشد الشعبي بدأت منذ إعلان تشكيله، اي انها مستمرة منذ 10 سنوات وهناك من يدعم هذا الاتجاه بالداخل لغايات باتت معروفة”.
وأضاف الكريطي في تصريحات صحفية تابعتها عابر، أن” الحشد الشعبي مؤسسة حكومية مرتبطة بالقائد العام للقوات المسلحة وقدمت الدماء لتحرير المدن بعد 2014، وأشار الكريطي الى، أن” حل الحشد الشعبي سيقود العراق الى منزلقات خطيرة ويضعف قدراته الدفاعية وهذا ماتريده واشنطن ضمن مفهوم الشرق الأوسط الجديد ”
منوها الى أن” الحشد الشعبي خط احمر وهذا راي كل قادة الإطار التنسيقي دون استثناء ولا يمكن التفريط به فهو قوة رسمية دافعت ولاتزال عن امن واستقرار العراق”.
وفي ذات الأتجاه يؤكد السياسي المستقل عباس المالكي ، أن ” الحشد الشعبي أثبت أنه قوة عسكرية منضبطة، وحقق إنجازات كبيرة في تحرير مساحات واسعة من العراق من سيطرة تنظيم داعش، الذي تدعي الولايات المتحدة أنها تحاربه وتبرر وجودها في البلاد لمواجهته”.
وأشار إلى أن ” العراق يرى أن التهديدات المستمرة بعودة داعش تتطلب بقاء الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، كونها القوة الرئيسية التي تصدت لهذا التنظيم الإرهابي”، مؤكداً أنه ” لا يحق للولايات المتحدة من الناحيتين القانونية أو العرفية أن تفرض على العراق قرارات تمس سيادته وأمنه الداخلي”.
وأوضح أن ” أي محاولة لحل الفصائل أو دمج الحشد الشعبي قد تؤدي إلى انفلات أمني”.
اعتراف ضمني بضغوط الحل ..ثنائية الدولة والمقاومة ستنتهي قريبا
وكان مستشار رئيس الحكومة ابراهيم الصميدعي قد اعترف في تصريحات تلفزيونية في ديسمبر الماضي أن” هناك اشتراط قديم مفروض على الحكومات العراقية بحل الفصائل المسلحة ونرى ان الوقت الحالي سيشهد فرض هذا الاشتراط لحل الفصائل المسلحة وتفكيكها”.
وأوضح الصميدعي ان “الحشد الشعبي مؤسسة رسمية وقوية ولكن هناك فصائل منضوية تحت غطاء الحشد وهذا ما يثير الشكوك عند الغرب وامريكا ولذلك يطالبون بحل الحشد وإنهاء نظام الدولة والدولة الرديفة”،
مبينا ان “القرار السياسي قادر على إنهاء هذه الحالة وتنفيذ حل الفصائل التي تمتلك وجود سياسي ونعتقد ان ثنائية الدولة والمقاومة ستنتهي قريبا”.
لكن تلك التصريحات أزعجت السوداني وأصدر مكتبه بيان عقب تلك التصريحات يُخير مستشاريه بين الكف عن الاجتهاد في التصريحات الصحفية او الاستقالة.
ثم عاد السوداني لينفي في تصريحات أدلى بها للتلفزيون الحكومي الرسمي ، وجود أي تهديد للعراق أو إملاءات بخصوص حل الحشد الشعبي وتسليم السلاح للدولة. وأكد أنه لا توجد أي شروط أو ضغوط لحل الحشد الشعبي، مشيرًا إلى أنه كان مقررًا الإعلان عن جدول زمني لحصر السلاح وإنهاء وجود أي مجاميع أو فصائل خارج نطاق المؤسسات الأمنية في العراق بالتزامن مع الإعلان عن انتهاء مهام قوات التحالف الدولي في البلاد.

متى وكيف تشكل الحشد ؟
ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش ، الذي تسلل الى داخل مدن عراقية و سيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد
ليتطوع على أثر الفتوى مئات الاف من العراقيين لحمل السلاح وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين، أصدر مجلس النواب العراقي عام 2016، بعد طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية
الحشد وفتوى المرجعية
ورغم ان الفصائل المسلحة وقوى الإطار تقول بان الحشد تشكل بفتوى مرجعية السيستاني إلا ان هناك جدلا حول العلاقة بين الطرفين إذ يتجنب السيستاني ذكر مفردة الحشد ودائما ما يكرر ضرورة عدم وجود السلاح خارج اطار الدولة ورفض ارتباطه بخارج العراق.
الناشط في حراك الاحتجاجات احمد المحمد يستشهد بخطبة للمرجع السيستاني بعد الفتوى مباشرة في العشرين من حزيران 2014 مبينا أن في تلك الخطبة المرجعية قالت بشكل صريح ان “الفتوى جاءت للانخراط في القوات الأمنية وليس بتشكيل ميليشيات مسلحة خارج اطار الدولة”.
وبالتالي فأن المرجعية وفق قوله شخصت من اليوم الأول أن “الفصائل والاحزاب تحاول استغلال الفتوى لمصالحها “والدليل بحسب قوله عدم ذكر المرجعية مفردة “الحشد” في اي من خطبها او بياناتها.
موضحا أن “المرجعية لا تريد إقحام اسمها بمطبات الفصائل ” وانها “رفضت فتوى حل الحشد لأنها أصلا لم تؤسسه بل أصدرت فتوى للانخراط في الاجهزة الامنية العراقية وليس مؤسسات ثنائية الولاء للخارج والداخل”.
الاطار ينفي وترامب يلوح
وسط كل هذه التصريحات الأمين العام لمنظمة “بدر” رئيس تحالف “فتح” هادي العامري، اليوم الأربعاء، بأن رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني نفى له شخصيا الأنباء المتداولة حول مطالبة الولايات المتحدة الامريكية بحل الحشد الشعبي أو دمجه.
وقال العامري خلال كلمة ألقاها اليوم في مراسم حفل الانطلاقة الجديدة لقناة “الغدير” الفضائية الممولة من قبل المنظمة إن “السوداني أكد له شخصيا بأنه لا صحة للاخبار حول طلب امريكا حل الحشد الشعبي او دمجه”.
وكان الإطار التنسيقي، قد نفى الأحدالماضي (12 كانون الثاني 2025)، الأنباء عن مطالبته بسحب الحشد الشعبي من مناطق محددة أو دمجه ضمن تشكيلات وزارة الدفاع.
وذكرت الإطار في بيان ، أن “بعض مواقع التواصل و وسائل إعلام محلية، تداولت أخبارًا لا صحة لها بادعاء نقاش جرى في اجتماع الإطار الأخير حول المطالبة بسحب الحشد الشعبي من مناطق محددة أو دمجه ضمن وزارة الدفاع، وكل هذه الأمور لم تطرح ابداً، وهي عارية عن الصحة، ولا أساس لها البتة”.
ونشر موقع إذاعة مونتكارلو الدولية تقرير في وقت سابق مهذا الاسبوع تحدثت فيه عن وجود معلومات تفيد أن هناك رسالة من الرئيس المنتخب الأمريكي دونالد ترامب وجهها إلى رئيس الوزراء العراقي يطلب منه حل الحشد، او إعادة هيكلة الحشد الشعبي، بينما يأتي التوافق العراقي الإيراني بشأن الحشد واستمراره كرسالة أو رد قوي على رسالة ترامب.