البطالة في العراق تؤرق الشباب رغم نعمة ” الهبة الديمغرافية”

يقضي الشاب محمد، 19 عاماً، ساعات يومه في البحث عن فرصة عمل في شوارع بغداد، لأجل عائلته.
يقول محمد “من غير المعقول في هذه السن لا أحمل في جيبي سوى ألف دينار أقل من دولار أميركي واحد”. يشرح حالته “لا أعود إلى البيت مبكراً خوفاً من عدم قدرتي على تلبية احتياجات أمي وإخوتي”، مؤكداً أنه يبحث منذ عام، عن فرصة عمل تعينه على مشاق الحياة، دون أمل.
معاناة محمد تعكس ما يواجهه مئات الآلاف ممن هم في سنّه، وسط تحذيرات الخبراء، من الأضرار الناجمة عن عدم استغلال هذه الفئة العمرية وفق خطط ملائمة تستوعبهم، وتقلل نسب البطالة في البلاد، خاصةً أنهم يشكلون نسبة 40% من التعداد السكاني في العراق.
فما هي الإحصائيات الرسمية حول هذه الفئة؟ وما هي نسب البطالة بينهم؟ وهل لدى الدولة خطط ملائمة لاستيعابهم؟
العراق بلد فتي

قول محمد لعابر إن غياب فرص العمل والرعاية الحكومية للشباب يجعل منهم فريسة للمجهول، مشتكياً من أن “الدولة تحاسبهم بعد المضي في الطريق الخاطئ، لكنها لا تساعدهم في الحصول على فرصة عمل أو تأمين قوت يومهم”.
وتشكّل نسبة الأعمار الفتية تحت سن الـ15 سنة، أكثر من 36% من سكان العراق. كما تشكّل نسبة الأعمار ما بين 15 سنة و64 سنة ما نسبته أكثر من 60%
أما من هم أكبر من 64 سنة فلا تتجاوز نسبتهم 3%، وفقاً للتعداد السكاني الاخير الذي اجراه العرا العام الماضي .
أستثمار ” الهبة الديمغرافية”

وأظهر الاحصاء الأخير دخول العراق مرحلة “الهبّة الديمغرافية”.
ووفقا للأمم المتحدة، تعرّف “الهبة الديمغرافية” أو “النفاذ الديمغرافي” بطرق وأساليب عديدة تختلف في تعابيرها ومصطلحاتها، ولكنها تتفق كلها في المضمون الذي ملخصه “أنها المرحلة التي يبلغ فيها مجتمع ما الذروة في حجم السكان في سن العمل مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين من الأطفال والمسنين”.
وزارة التخطيط العراقية أكدت وضع خطط حكومية لاستيعاب الثروة الشبابية لسكان العراق، عبر تفعيل الإمكانيات التنموية والاقتصادية الكبيرة التي تمتلكها البلاد.
وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إن لدى العراق إمكانيات تنموية وموارد كبيرة يمكن استغلالها، ولا تحتاج سوى إلى تطويرها.
وأشار إلى أن هناك خططاً تنموية حكومية للنهوض بالبنى التحتية لكل القطاعات الاستثمارية والزراعية والتجارية، من أجل توفير أكبر فرص أمام الشباب، بالإضافة إلى ذلك، دعم القطاع الخاص وتعزيزه.
كل هذا يأتي، بحسب الهنداوي، وفقاً للوثيقة الوطنية للاستراتيجية السكانية التي أولت جزءاً مهماً منها للشباب وتوفير الفرص المناسبة لاحتواء إمكانياتهم.
“الزيادة السكانية ” سلاح ذو حدين

وفق الأحصاء السكاني الأخير ، فإن عدد سكان العراق تجاوز 45 مليون مواطن، بنسبة زيادة سكانية بلغت 2.3%، التي تقارب مليون شخص سنوياً.
ويحذّر خبراء من الآثار السلبية للزيادة السكانية، في حال لم تتعامل الدولة العراقية معها بالشكل السليم، عبر وضع الخطط الملائمة لتحويلها إلى عنصر قوة، وليس عامل ضعف.
الخبير الاقتصادي والمالي صفوان قصي، يقول: “وجهان للزيادة السكانية والشبابية، الأول يتمثّل في الطاقات الكبيرة المتوفرة، والثاني وهو الأخطر، يتمثّل في انتشار الفقر والجرائم في حال غياب الرؤية والخطط الحكومية التي تخلق فرصا كافية لاحتواء الشباب.
يشرح الخبير الاقتصادي أنه في غياب هذه المخططات “فسوف نرى ارتفاعاً في معدلات الجريمة والانتحار والبطالة، وهو ما نراه حالياً، كون الشباب يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة للغاية، دون عمل، وعائلة لا يستطيع إعالتها، ما يدفعه نحو خيارات خاطئة”، وفق شرحه.
وبلغت نسبة البطالة، وفق آخر مسح أجراه الجهاز المركزي للإحصاء، التابع لوزارة التخطيط العراقية عام 2021، 16.5%، وسجلت نسبة البطالة بين النساء ارتفاعا بواقع 28%، بينما كانت لدى الرجال 14%”.