يشكل أطفال عناصر داعش الأجانب المودعين في السجون العراقية مع أمهاتهم المدانات، لارتباطهن بالتنظيم الإرهابي، مشكلة لم تجد لها الجهات الرسمية في العراق حلولا.
وبالرغم من المطالبات والمحاولات العراقية الحثيثة لاسترجاعهم، إلا أن الدول التي يحمل آباؤهم جنسياتها رفضت استقبالهم.
ومنذ القضاء على التنظيم الذي استطاع بين 2014 و 2017 السيطرة على نحو ثلثي مساحة العراق، إلا أن الآثار الأمنية والاجتماعية التي خلفها، مازالت تؤرق الحكومات العراقية المتعاقبة.
فما حجم هذه المشكلة، وما هي أبرز جنسيات هؤلاء الأطفال؟ وماذا عن البيئة المسجونين فيها؟
مصير مجهول ؟
مصدر الصورة : هيومن رايتس وتش
تقول وزارة العدل العراقية إن هناك 89 طفلا أجنبيا داخل السجون برفقة أمهاتهم ممن التحقن بعناصر تنظيم داعش، مبينة أن أبرز جنسيات الأطفال هي التركية والسورية والقرغيزية.
المتحدث باسم الوزارة أحمد لعيبي أشار في بيان إلى أن “هناك أطفالاً من جنسيات أجنبية مختلفة بعضهم ولدتهم أمهاتهم داخل السجون، والبعض الآخر كانوا بصحبتهن عند اعتقالهن”.
وأضاف أن “العدد الكلي للأطفال 89 طفلاً، وتم تسليم أربعة أطفال والمتبقي منهم 85 طفلاً”، مبيناً أن “أكثر من 90% من الأطفال في سجون وزارة العدل والمتبقي منهم في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية”.
وقال لعيبي “نحن ضغطنا على سفارات الدول والبعثات الدبلوماسية وعلى الصليب الأحمر لغرض تسليمهم إلى دولهم”.
وأشار إلى أن “وزير العدل خالد شواني أثناء مناقشة التقرير الأخير في جنيف، التقى برئيس الصليب الأحمر وناقش آلية استرجاع الأطفال إلى دولهم، وحث دولهم على استلام الأطفال من العراق بأقرب وقت”.
الخوف من المستقبل؟
مصدر الصورة : وكالات
الخبير الأمني أمير الساعدي، يرى أن بقاء أطفال عناصر داعش في السجون، مقاتلين أو غير ذلك، سيفاقم من مشاكل الحكومة العراقية “لأنهم بمثابة قنابل موقوتة، تهدد السلم والأمن المجتمعيين، خصوصاً أنهم يكبرون مع فكرة أن العراق عدو لهم وتظل في أذهانهم رغبة الانتقام، ولاسيما أن الغالبية العظمى من آبائهم قتلوا في المعارك أو حوكموا بالإعدام”.وطالب الساعدي الحكومة العراقية إلى ضرورة إيجاد حل سريع وإرسال الأطفال إلى البلدان التي ينتمون إليها، وإشراك المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بنحو أوسع في الأمر.وكانت القوات العراقية قد اعتقلت آلاف من مسلحي وعناصر تنظيم داعش وعائلاتهم بين 2014 و2017، ضمنهم مئات الأجانب من جنسيات مختلفة خلال حرب التحرير التي أطلقتها الحكومة لاستعادة السيطرة على المحافظات التي احتلتها داعش في 2014.
وتقدر منظمة هيومن رايتس ووتش عدد الأطفال الذين تحتجزهم السلطات العراقية وحكومة إقليم كردستان بنحو 1500 طفلاً بشبهة الانتماء إلى تنظيم داعش، وفق تقرير صدر عنها في 2019 ، بينهم 185 أجنبيا على الأقل، أدينوا بتهم متصلة بالإرهاب.واتهمت المنظمة حكومتي بغداد والإقليم بارتكاب انتهاكات بحق أولئك الأطفال ومحاكمتهم وفقا لاتهامات ملفقة و اعترافات انتزعت تحت التعذيب .
حلول مفقودة؟
مصدر الصورة : وكالات
وسط ذلك، يرى مراقبون أن الحكومات العراقية المتعاقبة اهتمت بجانب القوة لمواجهة التنظيم المتطرف، دون أن تضع خطط أو استراتيجيات لمواجهة المشكلة الأخطر، وهي إرث داعش من أطفال وفكر في المحافظات التي احتلوها.
وسط ذلك، يرى مراقبون أن الحكومات العراقية المتعاقبة اهتمت بجانب القوة لمواجهة التنظيم المتطرف، دون أن تضع خطط أو استراتيجيات لمواجهة المشكلة الأخطر، وهي إرث داعش من أطفال وفكر في المحافظات التي احتلوها.
الباحث والصحفي محمد العبادي قال إن “الحكومات العراقية وفي لحظة رد فعل، جيّشت وتحركت لطرد داعش لكنها لم تضع في حساباتها ما بعد داعش، وكيف يمكن أن تواجه تداعياته”
وأشار العبادي إلى أن “أطفال داعش سواء من العراقيين أو الأجانب تركوا في السجون أو في مخيمات قهرية لتغذية الفكر المتطرف الذي تلقوه من آبائهم، بدل وضع حلول تتمثل بمعالجته أو التفاوض الجدي والضغط الواقعي على الدول لاستلام رعاياها من أولئك الاطفال، بدل ترك طفل يلد بين قضبان السجن ويكبر مع فكرة أن والده قاتل تلك الدولة التي تحتجزه وتمنع نور الشمس عنه دون أي خطوات للعمل على معالجة آثار ذلك”.